ينصب على الحقيقة في النظرية بل ينصب على المشتبه منها غالبًا؛ لأنه الأداة الأنسب في الصراع، ومن ذلك ما نجده مع المتغربين العرب، لاسيّما في باب عظيم مثل باب العقيدة. فإنه لما فيه من غيب يصعب الاكتفاء فيه بالعقل أو الحس، فلابد فيه من الخبر الصحيح، يصبح فرصة للمتغربين وأصحاب الأهواء، فيطعنون في الدين من خلال الطعن في الغيب وذلك بذكر النظريات العلمية المخالفة له، فيلبسون على الخلق بهذه الطريقة، مع أنهم وبسبب الصراع يركزون على الجانب المشكل في النظريات ويتركون القطعي من العلوم؛ وذلك أن الأول يفيدهم بخلاف الثاني فهو ضدّهم. وقد كان هؤلاء يسرحون لوحدهم بداية الأمر لأسباب سبق ذكرها (١)، فنشروا الكثير من الشبهات في مجلاتهم وفي الكتب وفي تياراتهم التابعة لهم.
الضعف والجهل هما مشكلة الطائفة الأولى، بخلاف الطائفة الثانية فمشكلتها الهوى والجهل، وهنا يأتي الفكر الإِسلامي بمشروعه لرفع الضعف ودفع الهوى، فمع الأول بنشر العلم الشرعي الذي يرفع الضعف، ويعيد الثقة في نفوس الناس بدينهم وبأنفسهم، ومع الثاني بنشر العلم النافع العصري الذي يكشف تلاعب المتلاعبين بالعلوم العصرية، مع ما يصاحب ذلك من جهود فكرية أخرى.
نجد من بين أبرز الموضوعات التي يهتم بها العلم الحديث ويطرح العلماء نظرياتهم المختلفة حولها بابين كبيرين هما:"باب بداية الخلق ووجود الكون، وباب خلق آدم -عليه السلام- وأصل الإنسان"، ويمكن استعراض كتابة حديثة نسبيًا حول هذا الموضوع، تجمع في تسلسل مثل هذه المخلوقات.
يقول الدكتور هاني رزق:"يمكن تلخيص التسلسل الزمني لمراحل التطور الموجّه على النحو التالي:
- اللحظة صفر "١٠ (- ٤٥) ثانية": حدوث الانفجار الأعظم، بدء الزمن، درجة الحرارة تساوي "١٠ (٣٧) درجة".
- نهاية الثانية الأولى: تحول الطاقة إلى مادة، ولادة القوى الطبيعية
(١) في الفصلين الثالث والرابع والخامس من الباب الأول.