زمن ظهر فيه الإنسان بالصورة التي هو عليها اليوم. وهذا مخالف لما جاء في الوحي، فقد خلق الله آدم في أحسن تقويم، وأنزله الله الأرض وأسكنه فيها وهو بهذه الحال. مع العلم أن ما يقولونه في هذا الباب ليس من العلم المقطوع به حتى في دائرة العلم، ولكنه نظريات تقدم كمحاولة للتفسير، وهي في ظل من غاب عنهم هدي السماء مشهورة ومعروفة ولا يمكن منعها، فستبقى نظرياتهم تظهر، مع العلم أن حركة العلم المعاصرة بدأت تنفض يديها من بقايا نظرية داروين، ولكن لا يشترط دائمًا في البديل أن يقترب من الوحي، رغم أن أشهر النظريات مخالفة هي تلك التي تعترف بالخلق الإلهي، ولكن ذلك هو حاصل جهد البحث العقلي والعلمي بعيدًا عن الاهتداء بهدي الوحي، ولذا لا يعوّل عليها، وقد تظهر تيارات إلحادية تعصف بحركة العلم نحو الإلحاد. بل من الأمور الأكثر بشارة بتحسن مسار هذا النوع حتى مع أصحاب القول بالخلق الإلهي، هو تلك الدراسات التي ظهرت في الغرب وتثبت أن القطعي من الاكتشافات العلمية في باب الكائنات الحية، يتفق اتفاقًا واضحًا ما ورد ذكره في القرآن الكريم، ومن بين تلك الدراسات ما قدمه الدكتور "موريس بوكاي""ما أصل الإنسان؟ إجابات العلم والكتب المقدسة" و"القرآن الكريم والعلم العصري"، وبقدر ما نجد من مبشرات في هجر الأقوال المادية الإلحادية بقدر ما أجد عدم جدوى الانسياق خلفها، فما جاء في القرآن هو الأصل، وهو منطلق الرؤية الإِسلامية، وكل جهود ملاحقة النظريات العلمية محفوفة بالمخاطر، ولكنها تأخذ أهميتها في بيان بطلان الاتجاه المادي وأهم من ذلك في بيان نسبية النظريات ومحدوديتها، وبهذا فهي لا تعتبر حجة في رفض الحق الديني، ولا يصح التسرع في تأويل النصوص الشرعية من أجلها.
٤ - تدخل تفاصيل النظريات العلمية حول وجود الكون والحياة والإنسان في باب الكيفيات، ويقاس فيها -غالبًا- الماضي البعيد على الحاضر، وهذا النوع غالبه غير قطعي من جهة علمية، وغير قطعي من جهة دينية، فهو من جهة علمية من غير القطعيات، فهو أحد الأجوبة المقدمة، وقد يأتي غيره، وقد يُكتشف خطؤه، وقد يتغير أو يتطور، وسنجد حول نشوء الكون أكثر من نظرية (١)، وكذا حول أصل
(١) حول النظريات الواردة عن أصل الكون انظر مثلًا: نظريات نشأة الكون في الفكر =