للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيرة، وحدث لها تطور داخلها، وأجزاء النظرية ومكوناتها مختلفة، أما مسألة خلق آدم وبقية أمور الغيب فهذه لا قدرة للعلم حولها، فهي خبرية محضة والحجة إنما هي في صحة الخبر.

لقد أصبح أسلوب "العظم" نموذجًا يُحتذى، فهذا أحدهم في أثناء دفاعه الصارخ عن العلمانية ونقده لكل صوت إسلامي، بل يعترض أيضًا حتى على حقيقة تميّز الإِسلام عن غيره من الأديان، فيقول: "ما هو موقف الإِسلام المميّز تجاه رأي العلوم الطبيعية في مسألة النشوء والخلق؟ هل يختلف عن موقف الديانات الأخرى في هذه المسألة؟ أليس جميع الديانات قد رفضت نظرية داروين مثلًا؟ هل الإِسلام الذي لا يرى تعارضًا بين العلم والدين -كما حدث في الأديان الأخرى- على حد زعم القرضاوي -أي: الشيخ يوسف القرضاوي- أخذ موقفًا خاصًا ومتميزًا عن الديانات الأخرى واعترف بنظرية داروين بالضد من موقف هذه الديانات مثلًا؟ " (١).

ومن الأمثلة التغريبية المعاصرة في هذا الباب ما نجده في موقف لويس عوض، ففي نقاشه لموقف الأفغاني من نظرية التطور ذكر أن وجود آدم يخضع حسب نظرية التطور لقوانين الطبيعة كغيره من أمور الطبيعة، وهذه النظرية كما يعترف "لويس" تنفي خلق الله سبحانه لآدم كما وردت في الوحي، كما أن فكرة قوانين الطبيعة تنفي "الفكرة السائدة في الأديان عن "الله المشخص" وتضع مكانها فكرة العلم عن "الله القانون"، أو قانون القوانين، حيث الله مساو للطبيعة وحيث الطبيعة مؤلهة" (٢)، وهو لا يعارض هذه الفكرة التي جاءت أثناء دراسته لجمال الدين الأفغاني، وحقيقة المشكلة تقوم في عدم الإيمان بالله والبحث عن بديل يمكن من خلاله تفسير الأحداث، فهو في سيرته الذاتية وأثناء حديثه عن تدين والده، يقول بأن والده أقرب لمذهب "لا أدري" ولم "يكن يؤمن بالله "المشخص" الشائع في الفهم الديني العام (؟؟)؛ أي: الله الذي يجلس على عرش الكون. . . ."، ثم ذكر انطباعه عن حقيقة ما يؤمن به والده بأنه "كان يعتقد بأن في الطبيعة قوة عظمى تتصف بالحكمة هي التي نسميها الله، وهذه القوة


(١) سدنة هياكل الوهم. . . .، د. عبد الرزاق عيد ص ٢٣٨.
(٢) انظر: تاريخ الفكر المصري الحديث من عصر إسماعيل. . . .، د. لويس عوض ص ١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>