دُكّاناً من هذه الدكاكين قد مُسّت أو تعدّى عليها أحد، ولم يُسمَع أن لصاً قد مدّ يده إلى مال، حتى اللصوص قد شملهم الإضراب فانقطعوا عن صناعتهم، برغم أن أغنى الأسواق وأعظمها في دمشق قد بقيَت أياماً وليالي مطفأة الأنوار ليس عليها حارس ولا خفير! فهل قرأ أحد أو علم أحد، أن بلداً في أوربّا أو أميركا أو المرّيخ، يسير فيه اللصوص جياعاً ولا يمدّون أيديهم إلى المال المعروض حُرْمةً للواجب الوطني ومراقبة لله واحتساباً لثوابه؟
وقد بقي الأولاد في المعسكر العام (في الجامع الأموي) أياماً طويلة يراقبون حالة البلد وينظرون مَن يفتح محلّه، فإذا فتح أغلقوه. وقد اتفق (رأيت ذلك بعيني) أن بائع حلويات مشهوراً قد فتح محلّه، فجاء بعض الأولاد بصدور البَقْلاوة والكنافة من مخزنه إلى المسجد وتشاوروا: ماذا يفعلون بها؟ فقال أحدهم: نأكلها عقاباً له. فصاحوا به: اخرس، إننا لسنا بلصوص! ثم أرجعوها إليه بعد دقائق وما فيهم إلاّ جائع. أفلم يحرّكْكُم هذا يا أيها الأدباء؟ وهل قرأتم أن صبيان باريس وبرلين ولندن فعلوا مثله؟
وقد عمدَت القوى في آخر أيام الإضراب إلى فتح المخازن بالقوّة فكان أصحابها يدَعونها مفتوحة ولا يقتربون منها، حتى تكون القوى هي التي تغلقها من تلقاء نفسها! وقد حدّثني بعضهم أنه اشترى ثلاثين قفلاً، كلّما كسروا قفلاً جاء فوضع مكانه آخر. ولقد حدّثني مَن أثق به أن أهل محلاّت الفجور قد أضربت. ولست أعرفها ولست بحمد الله من روّادها. حدّثوني أن صاحباتها