للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقصى المطالب، فلما نلتُه أو نلت بعضه زهدت فيه وذهبَت منّي حلاوته، ولم أعُد أجد فيه ما يُشتهى ويُتمنّى.

وما المجد الأدبي؟ أهو أن يذكرك الناس في كلّ مكان وأن يتسابقوا إلى قراءة ما تكتب وسماع ما تذيع، وأن تتوارد عليك كتب الإعجاب وتُقام لك حفلات التكريم؟ لقد رأيت ذلك كله، فهل تحبّون أن أقول لكم ماذا رأيت فيه؟ سراب، قَبْض الريح. أغلق يدك على الريح ثم افتحها لا تلقَ فيها شيئاً.

لا والله، ما أقول هذا كلامَ أديب يتخيل ولكن، وأحلف لكم لتصدّقوا: ما أقول إلاّ الحقيقة التي أشعر بها.

أنا من خمسين سنة (١) أعلو هذه المنابر وأحتلّ صدور المجلاّت والصحف، وأنا أكلّم الناس في الإذاعة من يوم أُنشئت الإذاعة، ويسمعونني ويرونني في الرائي من يوم جاءنا الرائي. ولطالما خطبت في الشام ومصر والعراق والحجاز والهند وأندونيسيا وكثير من بلاد أوربّا خُطَباً زلزلت القلوب، ومحاضرات شغلت الناس، وكتبت مقالات كانت أحاديث مجالسهم. ولطالما مرّت أيام كان اسمي فيها على كلّ لسان في بلدي، وفي كلّ بلد عشت فيه أو وصلَت إليه مقالاتي. وسمعت تصفيق الإعجاب، وتلقّيت خُطَب الثناء في حفلات التكريم، وقرأت في الكلام عني، لي وعليّ، مقالات ورسائل. ودرس أدبي ناقدون كبار، ودُرّس ما كتبت وما قالوا عني في المدارس، وتُرجم كثير منه إلى أوسع لغتين انتشاراً في الدنيا: الإنكليزية


(١) من سنة ١٣٤٥هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>