للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسمّى الفلقة أو الفلكة)، كانت هذه الطريقة هي أساس التأديب، فما ظنّك بأمة تنشأ كما ينشأ عبيد العصا؟

وبعض المعلّمين يضربون ضرب مجرم معتدٍ أو طالبِ ثأرٍ يتشفّى بالانتقام. ولمّا كنّا نَدرس الطبّ الشرعي في كلّية الحقوق التي حملت شهادتها سنة ١٩٣٣ رأيت أن علماء النفس يعتبرون بعض هذا الضرب من المعلّمين من الساديّة المنسوبة إلى الماركيز دي ساد؛ أي أنه يؤدّي إلى لذّة جنسية عند الذي يتولّى الضرب!

ولمّا رجعت إلى الدار في المساء أخبرت أبي أني سأعود إلى مدرسة الشيخ عيد، فتبسّم كأنه يقول لي: لقد كنت أتوقّع هذا. وحسبت يومئذ أني لن أعود إلى المدرسة الأمينية أبداً.

ولكنّ الله أراد غير هذا، فعدت ولكن بعد حين، سنة ١٣٤٥ (١٩٢٧). وهي السنة التي أُنشئ فيها نظام البكالوريا في سوريا، أو نُقل إليها النظام الفرنسي بذاته بلا تبديل. في تلك السنة أقاموا دورة للمعلّمين الذين لا يحملون شهادة، فذهبت إليها مرّة مع ابن خالتي الشيخ طه الخطيب، وكان معلّماً عند أخيه في المدرسة الأمينية. فلما رجعنا دخلت معه المدرسة فقعدت عند المدير الشيخ شريف، قعدت ضيفاً هذه المرّة لا تلميذاً، وسقاني الشاي الأخضر. وكان للشاي الأخضر مختصّون في الشام يُتقِنون صنعه يُسمّون «ملوك الشاي»، وكان الشيخ شريف واحداً منهم. رأيته يُعِدّ يومئذ للحفلة السنوية التي يعرض فيها محاورات، أي شبه مشاهد تمثيلية بدائية، وخُطَباً وقصائد يلقيها التلاميذ. وطلب إليّ أن أحضر التجرِبة (البروفا) فحضرت، فلم يُعجِبني شيء ممّا

<<  <  ج: ص:  >  >>