للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هي في رأيي النموذج الكامل للأسلوب الخطابي الذي كان الغالب على نثر هوغو. ومن قرأ كتبه (أي هوغو) «قبل المنفى» و «أثناء المنفى» وخطبه في مجلس النوّاب ومرافعاته في المحاكم، لا سيما دفاعه عن ولده، رأى دليل هذا الذي أقوله. ولو أتقن هوغو العربية وكتب بها تأبينه فولتير لما جاء بأعظم ولا أكرم ممّا كتب المنفلوطي. هذا رأيي أنا.

وما أحدٌ ممّن كان من لِداتنا ومن أبناء عصرنا إلاّ تأثّر يوماً بالمنفلوطي و «نظراته». أما «العبرات» فأكثر قصصها بدائية مصطنَعة. وليست البراعة أن يموت الولد من المرض فتموت الأم من الحزن ويموت الأب من الندم ويموت أهل الحارة من البكاء ... بل البراعة أن يسخن الطفل قليلاً ولا تدري أمه وهي وحدها في الدار ما تصنع له، فتسهر معه: تضمّه إلى صدرها وتحاول أن تدفع عنه المرض بعاطفتها. إن وصف حال الطفل والأم أصعب من أن نجعل من هذا المرض وباء يقتل أهل البيت والجيران، ويدَع الناس كأنهم في هيروشيما يوم ارتكب فيها ناس من البشر الجريمة التي لم يرتكب مثلَها نيرون ولا هولاكو، ولا إبليس نفسه.

وما كنّا نعرف من الكتّاب إلاّ العقّاد والرافعي والمازني وطه حسين والزيات وحسين هيكل وأمثالهم، عرفنا بعض كتبهم التي وصلَت إلينا (كالمطالعات والديوان وحصاد الهشيم)، أمّا كتّاب الشام فقد عرفنا منهم محمد كرد علي في خطط الشام وغرائب الغرب، وشكيب أرسلان، ومحبّ الدين الخطيب، وأعضاء الرابطة الأدبية وأمثالهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>