للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان في الظاهر منّا. لا نلقي عليهم في ذلك كله محاضرات فلسفية ولا خُطَباً بليغة أدبية، بل نكلّمهم باللسان الذي يفهمونه. لا نجمعهم لذلك بل نتبع سنّة رسول الله عليه الصلاة والسلام في الدعوة إلى الله: كلمة هنا وكلمة هناك، وكلّ كلمة في موضعها وكل كلمة عند مناسبتها، يحفظها من يحفظها وينساها من ينساها ولكن لا يضيع أثرها أبداً. من سمعها حملها إلى أهله فبلّغهم وبلّغ أصحابه إياها، ورُبّ مبلَّغ أوعى من سامع، أو يحفظها في ذاكرته حتى يكبر فيدرك معناها، كما تحفظ الصحراء بذور الكلأ حتى يأتي المطر فتخضرّ منه الصحراء.

وما خرجوا جميعاً متعبّدين صالحين ولا وطنيين مخلصين، ولا صاروا أئمة في الخير جمعوا أسبابه واستكملوا مزاياه، بل اقتربوا منه وأحبّوه. وما كنت أنا ولاكان إخواني من المدرّسين من الصالحين الكُمَّل، ما نحن إلاّ ناس عرفوا طريق الحقّ فجئنا ندلّ عليه، نسلكه تارات وتغلبنا نفوسنا تارة فندَعه إلى طريق اللهو، اللهو غير المحرّم، فما كتب الله علينا (والحمد له والمنّة) أن سلكنا طريق اللهو الحرام وإن مالت نفوسنا إليه. وما كان في دمشق تلك الأيام مثل الذي يجده الشبّان الآن ولا نصفه ولا ربعه ولا عُشره، ما كانت عندنا إلاّ سينما حقيرة صامتة لأن السينما لم تكن في الدنيا كلها قد نطقت، كانت السينما التي عندنا تهتزّ صورها ويتمايل الأشخاص فيها، وما كان يدخلها إلاّ مَن سَفِهَ نفسه وهانت عليه. وما كان في الدنيا إذاعات ولا كان فيها هذا الرائي (التلفزيون).

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>