للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد عرفتم أني علّمت في المدارس الأولية في القرى، وستعرفون أني علّمت في المدارس المتوسطة والثانوية وعلّمت في جامعات كثيرة وفي أقسام الدراسات العليا في هذه الجامعات، وأشرفت على إعداد رسالات الماجستير والدكتوراة، وعلّمت بنين وبنات، ومشايخ في كلّيات الشريعة وفي المساجد. فهل تريدون أن أخبركم بالذي رجعت به بعد هذه الجولة الواسعة التي شملت الشام والعراق والسعودية ولبنان ومصر حيناً، وامتدّت خمساً وخمسين سنة (لأنني بدأت أعلّم سنة ١٣٥٤هـ؛ بدأت التعليم قبل أن أكمل أنا تعلّمي).

أقول لكم الحقّ: لقد وجدت أنه ليس شيء أبرك ولا أنفع للناس ولا أجمع للثواب من تعليم تلاميذ المدارس الابتدائية.

معلّم الابتدائي هو الأساس. والبناء الذي حدّثونا عنه في أميركا وقالوا إن فيه مئة طبقة (مئة دَوْر) بعضها فوق بعض لا يقوم ولا يُنتفَع به إن لم يحمله أساس متين غائص في الأرض، والأساس لا يُرى ولكن البناء لا يقوم إلاّ عليه. هذا الأساس هو التعليم الابتدائي، لا يراه الناس على حقيقته ولا يقدّرونه قدره.

ولو كان بيدي شيء من الأمر أو كان لرأيي قليل من الوزن لاقترحت أن يُشترَط في معلّم الابتدائي الشهادة الجامعية، وفوقها دورة في التربية وتعليم الصغار، وأن يُعطى مثل راتب أستاذ الشهادة الثانوية. نطالبه بالكثير بعد أن نعطيه الكثير.

إن ضَعف معلّم الابتدائي لا تُصلحه قوّة مدرّس الثانوي ولا أستاذ الجامعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>