للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيف؟ الجواب فيه نصف العلم، ونصف العلم «لا أدري»!

كان هذا امتحان الشهادة الابتدائية، لم يكُن يُجمَع له التلاميذ بل كانت اللجنة تدور عليهم في مدارسهم. وكان لحضورها رجّة وضجّة، وكانت تسبقه الاستعدادات وتُعَدّ الاستقبالات، لأنها تجمع كبار رجال «المعارف» وأساتذة المدارس، برياسة الرئيس الأعلى للحكومة المحلية وهو دولة الحاكم!

وهذه شهادتي الرسمية لا تزال عندي، درجاتي فيها كلها عشر من عشر إلاّ السلوك والأخلاق، فقد كانت تسعاً من عشر؛ أي أنني بلا أخلاق، أو كما كانوا يقولون لنا أيام الحكم العثماني «أدب سِزْ». ولكن إن عرفتم سببها أدركتم أنها لم تكن وصمة عار بل وسام فخار. السبب أن فرنسا عزلت الجنرال غورو وعينت مكانه الجنرال ويغان (الذي صار -من بعدُ- القائد العامّ لجيوش الحلفاء في الحرب العالمية الثانية)، وأمرت الحكومة بأن تخرج المدارس كلها بمعلّميها وتلاميذها لاستقباله.

ولست أذكر الآن من هو المعلم الذي سنّ لنا سنّة حسنة هي أن يخصَّص يوم في الأسبوع للخطابة، يجتمع كلّ مَن في المدرسة، ويقوم أحد المعلمين على هذا السلّم الذي ترونه في الصورة (١) (والذي بلغني أنه هُدم الآن وأقيمت للمدرسة عمارة ضخمة) يقوم فيخطب، ثم يتبعه أحد التلاميذ فيلقي كلمة ارتجالية.

وكان دوري في الكلام يوم أُعلِنَ أمر الحكومة بوجوب


(١) انظر الصورة في الجزء الأخير الخاص بالصور والفهارس (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>