للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أخي، إذا وجدت واسعاً من الوقت فادرس أحوال القوم وأوضاعهم في معايشهم وتجارتهم وصناعتهم ومدارسهم، وابحث عن أخلاقهم ومعتقداتهم، على أن تنظر بعين الناقد العاقل الذي يدوّن الحسنة لنتعلمها والسيئة لنجتنبها. ولا تكن كهؤلاء الذين كتبوا عن باريس من أبناء العرب فلم يروا إلاّ المحاسن والمزايا، ولا كأولئك الذين كتبوا عن الشرق من أبناء الغرب فلم يبصروا إلاّ المخازي والعيوب، ولكن كُن صادقاً أميناً.

وبعد يا أخي، فاعلم أن أثمن نعمة أنعمها الله عليك هي نعمة الإيمان، فاعرف قدرها واحمد الله عليها، وكُن مع الله ترَ الله معك، وراقب الله دائماً واذكر أنه مُطّلع عليك يَعصِمْك من الناس ويُعِذْك من الشيطان ويوفّقْك إلى الخير.

وفي اللحظة التي تشعر فيها أن دينك وأخلاقك في خطر، احزم أمتعتك وعد إلى بلدك وخلِّ «السوربون» تنعَ من بناها، وانفض يدك من العلم إذا كان العلم لا يجيء إلاّ بذهاب الدين والأخلاق.

أستودع الله نفسك ودينك وأخلاقك، والسلام عليك ورحمة الله.

* * *

هذه كلمة نشرتُها من نصف قرن إلاّ سنتين، يوم لم تكن أوربّا بلغت من دنس الأخلاق ورجس الفواحش ما هي عليه اليوم، يوم كان لكلمات الأخلاق والحشمة والحياء والمروءة بقية من معانيها ودلالاتها، لم تفقد معانيها كلها كما حصل اليوم. وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>