عن القصر بأكثر من أربعمئة متر أو نصف كيل، فهل يمكن أن تصل سرعة السيارة إلى مئة وعشرين وهي لم تمشِ إلاّ هذه المسافة القصيرة؟ وأجمع الرأي على أنها رواية تأليفها ضعيف وإخراجها سيّئ، وأن المشهد كله قد رُتّب ترتيباً.
وقد خبّرني مفتي بغداد الشيخ قاسم القيسي، وهو الذي تولّى غسل غازي قبل دفنه، أن الضربة كانت في قَذَاله، أي في أسفل جمجمته من الخلف. فكيف أصابه العمود بالقذال؟ وبدأ الهمس ثم ارتفع الصوت، ثم صار له دويّ خافت، وصدرَت نشرات تتّهم عبد الإله ونوري بقتل الملك.
وأنا أدوّن هنا ما رأيت وما سمعت، وأنشر الآن ما لم أنشره من قبل. فمن ذلك مشهد تألّمت له وتكلّمت فيه، ولكن بمقدار ما استطعت الكلام، وكان كلامي هذا من أسباب نقلي من بغداد إلى كركوك.
ذلك أنه بعد أيام من قتل الملك جمعوا الطلاّبَ (وكان في مدرستنا نحو من ألف طالب) والأساتذةَ جميعاً في باحة المدرسة، وجاؤوا بخشبة لها سطح مائل فأقاموها وسط الباحة، وجاء ضابط كبير معه جنود وطالب صغير من طلاّب المدرسة، فقرأ الضابط حُكماً من المحكمة العسكرية (أو قراراً من القيادة، لم أعُد أذكر) بأن الطالب قد ثبت أنه اشترك في طبع هذه المنشورات التي تنشر -كما قالوا- الشائعات وتُفسِد المجتمع وتضعف الأمن، وأنه كذا وكذا ... وهي أسباب يسهل على من شاء أن يعدّدها. وأنه قد حُكم عليه بخمس جلدات.