الإنكليز في «سن الذبان» لمباراة رياضية، فرأيتهم قد قلبوا المدينة الإنكليزية إلى حيّ من أحياء العرب وأفاضوا عليها روحهم وشبابهم وفتوّتهم، فقلت: إذا كان جيش صغير من لاعبي الكرة لا يتجاوز الخمسين ومعهم من إخوانهم مثلهم، إذا كانوا قد فعلوا هذا كله، فكيف لو جاء الجيش العربي، جيش المستقبل؟
رأيت أثر الروح العسكرية واضحاً في الطلاّب، فالطاعة من غير استخذاء والحرّية من غير تمرّد والنظام من غير جمود، تلك هي صفات الطلاّب في العراق في تلك الأيام.
لبثنا ننتظر إلى الضحوة الكبرى والناس لا يزدادون إلاّ تدفّقاً، فكأنهم سيول تصبّ في هذا الخضمّ العظيم، والشارع يموج بالناس موجاً ويزخر بالخلائق، وكلهم يتطلع وينتظر وكلهم يسأل: متى يأتي الموكب؟ وعمال الشركة الأمريكية للسينما ماثلون بآلاتهم في الشرفات والزوايا ليصوّروا معالم الحياة في بغداد في ذلك اليوم المشهود.
وإن البحر ليموج ويزخر، وإن أمواجه لتصخب وتضطرب، وإذا بالمعجزة قد وقعت فانشقّ كما انشقّ البحر لموسى، وإن كانت تلك معجزة لا يقع مثلها إلاّ لرسول. وانفتح الطريق فنظر الناس ونظرنا، فإذا الأعلام العربية تلوح بألوانها الأربعة التي تجمع شعار دول الإسلام: الأموية والهاشمية والعباسية، وترمز لفضائل العرب كلها: