وكان أظهرُ هؤلاء الإسلاميين الذين لبثوا يعلنون إسلاميتهم ويحاربون القومية المنافية للدين، التي تريد أن تبدّل قول الله:{إنّما المُؤمنونَ إخوةٌ} وتحل محلّها «إنما العرب إخوة»، والدين نسب، فهم يريدون أن تختلط الأنساب وأن يصير الناس أمشاجاً لا تميز منهم مؤمناً من كافر.
لبث ثابتاً على إسلامه الكثير، والذين أعلنوا وجهروا وما جَمْجَموا ولا لانوا ثلاثة: أخونا الأستاذ عبد المنعم خلاّف من مصر، وهو لا يزال حياً مدّ الله في عمره وله بنت هنا في المدينة المنورة، وأخونا الأستاذ أحمد مظهر العظمة الذي ذهب إلى لقاء ربه رحمه الله وغفر له، والثالث هو كاتب هذه السطور، فكانت العاقبة أننا نُقلنا إلى الشمال.
قالوا لنا: ما دمتم لا تفرّقون بين المسلم العربي والمسلم غير العربي فإن في شمال العراق أكراداً مسلمين، فاذهبوا فعلّموهم. نُقل الأستاذ عبد المنعم خلاف إلى السليمانية، فاستقال وأنهى عقده ورجع إلى مصر، ونُقل الأستاذ أحمد مظهر العظمة إلى إربل (وتسمى اليوم أربيل)، ونُقلت أنا إلى كركوك.
* * *
وقعَت لي حوادث لمّا جئت كركوك تتصل بموضوع القومية. ذلك أن مدير الثانوية في كركوك كان رجلاً طيّباً، وأذكر أن اسمه نجم الدين جلميران، من الموصل. فوزّع الدروس على