للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأيام. وقد ركبت هذا القطار من البصرة إلى بغداد ومن بغداد إلى كركوك. والمحطّات في العراق ملك للحكومة، وفي كلّ محطّة فندق ومطعم، أسعار المبيت في الفندق والطعام في المطعم محددة ورخيصة.

ومن المحطّة إلى الشوارع القليلة المنتشرة في السهل طريق مستقيم، لا أستطيع الآن أن أقدّر طوله. ومكانة كركوك إنما جاءتها من آبار النفط. ولم يكونوا يستثمرون الغاز الطبيعي فكانوا يحرقونه، فيبدو في الليل شعلة طويلة لا تطفئها الأمطار، وإن كانت تحرّكها الرياح كأنها شمعات كل شمعة منها بمقدار منارة، وكان ضوؤها يصل إلى الفندق. وكان الفندق الذي نزلت فيه كأنه بيت من البيوت القديمة، ففي الغرفة حصير فوقه بساط، وفوق البساط سجّاد، وأثاثه ضخم، فيحسّ الإنسان فيه بجوّ البيت. وإلى جنب غرفتي كانت غرفة الدكتور عبد الحليم العلمي وإخوته رفاقنا: عبد الستار العلمي وكان أصغرهم، وعبد الباسط الذي ذهب إلى رحمة الله.

هذه القلعة التي هي المدينة قائمة على تلّ صناعي، وإلى جنبها قلعة مثلها في إربل (أربيل) وقلعة في الموصل مثلها. وأكبر هذه القلاع وأعظمها وأبقاها إلى اليوم هي قلعة حلب، وإلى الجنوب منها قلعة حماة، وإلى جنوبيها قلعة حمص ... سلسلة من القلاع الصناعية التي تشمل بيوت الناس تكون ضمن السور لتدفع عنها هجوم الأعداء؛ هذه السلسلة أُنشئت أيام الخوف وفي عهود الاضطراب.

<<  <  ج: ص:  >  >>