للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سكان هذه المنطقة من الأكراد، والغالب عليهم التمسك بالإسلام واتّباع الطريقة النقشبندية، ولمشايخها منزلة بين الناس ولهم مقام كبير. عرفت جماعة منهم لهم تكايا (جمع تكيّة) هي أشبه بمدرسة وفندق مجّاني ومجتمَع لوجوه القوم، ولها أوقاف، فمَن شاء نزل فيها وأكل من طعامها ولم يرزؤوه شيئاً. وإن كان يقابل هؤلاء الشيوخ وأتباعَهم طبقةٌ جديدة من الشبّان أكثر أفرادها بعيد عن الدين، ومنهم من يميل إلى الشيوعية. وهذه هي النتيجة الطبيعية لبعدنا عن الطريق الواضح المستقيم، فالرسول عليه الصلاة والسلام تركنا على بيضاء نقيّة على شارع ظاهر المعالم، مستقيم يوصل إلى الغاية، فإذا تركناه ضعنا، واتخذنا السبل التي تفرّقنا وتبعدنا عن غايتنا.

* * *

ممّا وقع لنا في كركوك أنهم لما جعلونا -معشر المدرّسين- ضبّاطاً أعطونا رُتَباً عسكرية بمقدار رواتبنا، فاستحققت رتبة «مقدم». وكنّا نلبس مثل لباس الضبّاط إلاّ أننا بدلاً من النجوم على الكتف نضع شرائط. وكان النظام العسكري يقضي بأن يسلّم عليّ الجنود في الطريق والملازمون من الضبّاط والنقباء وكلّ من هم دوني في الرتبة العسكرية، التي لبست لباسها واتخذت شعاراتها وما عرفت آدابها ولا فنونها. فحدّثت إخواني المدرّسين وسألتهم: ما رأيكم أن نطلب من القيادة أن تدرّبنا كما يُدرَّب المبتدئون من الجنود، حتّى نعرف كيف نمشي وكيف نقف وكيف نسلّم، وإذا عرفنا بعد ذلك شيئاً من فنون القتال وقواعد الجندية كان ذلك عوناً لنا إذا ألهمنا الله يوماً أن نكون من المجاهدين في سبيله؟

<<  <  ج: ص:  >  >>