للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقول نعم، لأن النظام العسكري لا يسمح لنا بمناقشته أو الردّ عليه. وسلّمنا وانصرفنا.

* * *

كنت أعيش في كركوك حياة هادئة، كالبِرْكة الساكنة لا يحرّكها شيء؛ أنام في الفندق، وأتغدى وأتعشّى في حديقته في مطعم تابع له. وكان معي من إخواننا طائفة تحسن معاشرتهم، وكان في أربيل القريبة منّا أخونا الأستاذ أحمد مظهر العظمة رحمة الله عليه. فكنت أزوره أحياناً وأجتمع إلى مَن فيها من المشايخ الذين صَحِبهم بحكم نشأته بين أمثالهم. وكنت أزور السليمانية، وفيها ابن عمّ لي هو الدكتور سامي الطنطاوي رحمة الله عليه. وقد نشأ معي وكان رفيق صباي، وكان ثالثنا الأستاذ حلمي حبّاب، الخطّاط المعروف، وكلاهما (أي سامي وحلمي) أخ لي من الرضاع.

ولم أكن أجد في كركوك منغّصاً، ولكني رأيت الدنيا من حولي كأنها امرأة حامل قد دنا مخاضها، فالأوضاع فيها تُنذِر بانفجار كبير والجرائد تشير إلى ذلك. وقد تحقّق هذا فلم تمضِ إلاّ مدّة يسيرة حتّى كانت الحرب العالمية الثانية، ولم تمضِ إلاّ مدة قصيرة بعدها حتّى قام رشيد عالي الكيلاني بحركته المعروفة في العراق، وتعرفون تفاصيلها وما نشأ عنها.

أما الشام فقد ذهبت إليها في العطلة الصيفية، أي قبل أن أسافر إلى كركوك، فوجدت الكتلة الوطنية التي كنت أعمل معها سنة ١٩٣١ قد تفرّق أعضاؤها، ولم يعُد ظاهراً في الميدان من

<<  <  ج: ص:  >  >>