للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تركت العراق وعدت إلى الشام. ركبت القطار إلى حلب عن طريق تلّ كوشك، فلما وصلت حلب كان لي فيها اثنان: صديق العمر ورفيق الدراسة الشيخ مصطفى الزرقا، وحمي (حمي على وزن كلمة أبي وأخي، أي والد زوجتي) الأستاذ صلاح الدين الخطيب، وكان مستشاراً في محكمة الاستئناف.

وكانت تلك أول مرّة أزور فيها حلب، فقلت لسائق السيارة: خذني إلى فندق مريح ومعروف. فأخذني إلى فندق بارون، وهو أقدم فنادق حلب وبقي أكبرها مدّة طويلة، وأحسبه أُغلِق من سنوات معدودة. ذهبت إليه وكان فيه رفيقنا في الدراسة الأستاذ وجيه السمّان الذي جمع بين العلم بالهندسة وبين الأدب، وهو خرّيج المدرسة المركزية (إيكول سنترال)، وقد صار من بعدُ المدير العامّ للكهرباء وصار أيام الوحدة وزير الصناعة وصار عميداً لكلّية الهندسة. فسألت عنه في الفندق فلم أجده. فسألت عن الشيخ مصطفى الزرقا فدلّوني على بيته، وكان وسط البلد في ساحة كبيرة مثل ساحة المرجة في دمشق، ولجهلي إلى الآن بمدينة حلب لا أعرف اسمها. فلم أجده فكتبت ورقة وقلت له فيها إنني في فندق البارون.

ثم أردت أن أرى البلد وأن أُمضي الوقت فركبت خطوط الترام. وهذه أقرب وسيلة للغريب ليعرف البلد الذي نزله؛ أن يركب في سيارات النقل الجماعي أو في الترام فيقطع بها البلد، فيراها كلها ولا يضيع فيها لأنه يرجع إلى المكان الذي ركب منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>