مستقلّة. وكان يدرّس اللغةَ العربية في الصف السادس الأستاذ ياسين طربوش، وفي الصف السابع بشعبه كلها أنا، وفي الصفّ الثامن والتاسع الأستاذ الشاعر محمد البزم، وكان يدرّسها في الصفوف العاشر والحادي عشر أستاذنا سليم الجندي.
بدأ طلاّب الصفوف العليا بالدعوة إلى اجتماع لمحاضرات بمناسبة المولد، وكان من زملائنا في المدرسة مدرّسون كانوا من رفاقنا في الدراسة، منهم الأستاذ نظيم الموصلي وقد تُوفّي، وكان من زملائنا الأستاذ ميشيل عفلق، ولم يكن قد دعا بدعوته. فكتب خطبة ألقاها عنه زميله وزميلنا الأستاذ نظيم الموصلي، تضمّنَت هذه الخطبة تعظيماً للرسول عليه الصلاة والسلام وتمجيداً له وذكراً لشمائله، ولكنه تكلّم عنه كما يتكلم عن عظيم من عظماء غير المسلمين. ما ذكر الرسالة ولا أشار إلى النبوّة، فكأنه يتكلّم عن عظمته البشرية فقط. ونظرت إلى الأستاذَين الحاضرَين: الشيخ محمد بهجة البيطار والأستاذ عزّ الدين التنوخي، فأنكرا بنظراتهما وبإشارة خفيّة من أيديهما، ولكنهما لم يتكلّما.
وكنت يومئذ ألتهب حماسة، فما كان مني إلاّ أن وضعت كفّي على طرف المسرح الذي يخطبون عليه وقفزت فصرت فوقه، وأخذت بعنق ثوب الخطيب فجذبته ورميت به من فوق المسرح، فوقع على مَن في الصف الأول: على أستاذنا جودة الهاشمي وعلى إخوانه! واستلمت أنا مكبّر الصوت (الميكروفون) وردَدت عليه وتكلمت عن الرسول عليه الصلاة والسلام باعتباره خاتم الأنبياء، وأنه بشر مثلنا ولكنْ يوحى إليه، وأن عظمته