اضطربَت الحفلة وهاج الناس، وكثر المتكلّمون وخرجوا، وكانت لها عقابيل. أما الطلاّب فقد كتبوا عرائض وقّعوها، فكان أكثرهم عدداً معي وكانوا مؤيّدين لي، وكانت قلّة قليلة جداً منهم مؤيّدة له. وكنت عنيفاً في ردودي وفي مجادلاتي فشرعت أتكلم عنه (عن عفلق) في الدروس وأمام الطلاّب، وقلت لهم الكلمة التي انتشرت حتّى كادت تسير مثلاً من الأمثال على ألسنة الناس؛ قلت لهم: هذا الذي يدّعي العربية ونصرتها والدفاع عنها، ما فيه من العربية إلاّ أن اسمه مكتوب في القاموس المحيط (باب القاف فصل العين)، ورجعوا إلى القاموس وعرفوا معنى الكلمة!
واجتمعت الجمعيات الإسلامية كلها، ونشرت منشوراً واحداً طبعَته ووزّعَته تأييداً لي ونصرة لموقفي، بل اجتمع على توقيع المنشور الذي أخرجوه قومٌ لم يجتمعوا قبل ذلك على أمر.
عرفتم أنني لا أعتمد في كتابة هذه الذكريات على مذكّرات مكتوبة في وقتها، بل على ما بقي في ذهني منها وعلى الأوراق الرسمية بنقلي وتعييني التي ما زلت أحتفظ بها. وممّا أحتفظ به هذا المنشور، ولو كنت أكتب هذه الحلقة وأنا قريب من الجريدة لبعثت نسخة منه فنُشرت مع هذه الحلقة، ولكني أسجّلها وأنا بعيد عن أوراقي وكتبي؛ هي في مكّة وأنا أسجّلها في جدة، والأخوان في الجريدة جزاهم الله خيراً طاهر أبو بكر وحاتم، هذا ينقلها وله الفضل من الشريط إلى الكتابة وذاك يقرؤها عليّ، ثم يُعيد النظر في تصحيحها أخونا الأستاذ عادل الصلاحي، وهو