ففيها أحكام البيع والإجارة والوكالة والكفالة وفيها باب في أصول المحاكمات، وكانت لها مقدّمة في مئة مادّة تتضمّن القواعد العامّة في الفقه، كقولهم:«الأصل براءة الذمّة»، «القديم يبقى على قِدَمه»، «العِبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني»(١).
وكنّا قد درسنا «المجلّة» مقسَّمةً على سنوات الدراسة في كلّية الحقوق، وكان مدرِّسنا الأستاذ سعيد المحاسني. وفي «المجلّة» نحو ألف وثمانمئة مادّة قانونية، ولولا أنها اقتصرت على المذهب الحنفي فقط، ولو أنها أخذت من المذاهب الأربعة، أو لو أن واضعيها اعتمدوا على الدليل وعلى ما يلائم روح العصر ولم يتقيدوا بالمذهب الحنفي ولا بغيره من المذاهب الفقهية، لكانت هي القانون المدني المنشود، لِحُسْن سبكها ودقّة تعبيرها، وإيجازها وبلاغتها وشمولها وإحاطتها (وإن كان العثمانيون نسفوا -بعدُ- أكثرَها بالمادّة ٦٤ من قانون «أصول المحاكمات المدنية»).
وكان عليّ للدخول في هذه المسابقة أن أراجع «المجلّة» كلها، وعندي لها شروح كثيرة: شرح الأستاذ سعيد المحاسني، وشرح باز، وشرح الأتاسي، وهو شرح فقهي قيّم. وكان عليّ-ثانياً- أن أؤدّي الامتحان في أصول المحاكمات الحقوقية (وتُسمّى في مصر أصول المرافعات المدنية). وكان عليّ -ثالثاً- أن
(١) وفي كتاب «المدخل» لأخي الشيخ مصطفى الزرقا كلام واسع ونافع عن هذه القواعد.