للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدرس قانون الجزاء (قانون العقوبات) وما طرأ عليه من تعديلات، وأن أدرس بعد ذلك أصول المرافعات الجزائية (أي الجنائية)، ومجموعة أخرى كبيرة من القوانين والنظم وقرارات المفوض السامي، الذي كان يملك وحده السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية. السلطات الثلاث كانت مجموعة بشخص المفوض السامي، أي أنه كان أوسع سلطاناً من رئيس جمهورية فرنسا ومن رئيس مجلسها النيابي ومن رئيس مجلس قضائها الأعلى معاً!

لقد أعطاني الأخ محمد الجيرودي ما أحتاج إليه من الكتب، فحملتها وذهبت إلى داري على أن أقدّم الطلب صباح الغد، ولكن اعترضني أنّ من جملة الشروط أن يكون الطالب قد أكمل مُدّة التمرين في المحاماة، وهي سنتان، وأنا لم أكمل تلك المدّة. فحِرْت ماذا أعمل، ولكن الله إذا أراد أمراً هيّأ أسبابه ويسّر وسائله، وذلك أنّ وزارة العدل لمّا وجدَت المتقدّمين لهذه المسابقة قلّة ووجدَت عددهم دون العدد المطلوب سهّلَت الأمر فألغت هذا الشرط، وسمحت لكل من يحمل إجازة الحقوق بدخول المسابقة ومدّدَت مدة تقديم الطلبات عشرة أيام.

كأن الله أراد لي دخولها فأزال كلّ عائق أمامي، فقدمت الطلب وقُبلت في المسابقة. وكان بيني وبينها أمد نسيت الآن مقداره، فذهبت إلى بيتي وأغلقت عليّ بابي، وانقطعت عن الناس تماماً فلم أتصل بأحد. وكنت قد تزوّجتُ (وسيأتي خبر زواجي) ووُلد لي، فحالت زوجتي بين الناس وبيني أن يشغلوني، فعكفت على هذه الكتب وهذه القوانين، وفرّغت عقلي ووقتي لها

<<  <  ج: ص:  >  >>