للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم أشتغل بغيرها، حتّى إنني أحطت بموادّ «المجلّة» كلها حفظاً عن ظهر قلب (وهي -كما قلت- ١٨٠٠ مادّة) وبقوانين الأصول وقرار حقوق العائلة الذي كان قانون الأحوال الشخصية في تلك الأيام، وزدت على ذلك فبحثت فيه مادّةً مادةً وبيّنت من أين استُمِدّت موادّه، فما كان منها من المذهب الحنفي عرفته لأنني تفقّهت من صغري في المذهب الحنفي، وما كان مأخوذاً من المذهب المالكي (وهو كثير) سألت عنه الشيخ الكافي والصديق الفقيه الأديب الأستاذ عبد الغني الباجقني رحمة الله عليهما، فأرشداني إلى مكان وجوده في كتب الفقه المالكي المعتمَدة. ووجدت فيها مادّة تخالف المذاهب كلها، بل تخالف الكتاب والسنّة، فجعلت من عملي الحملة عليها في كل مكان والسعي لإبطالها وإلغائها، حتّى وفّق الله إلى ذلك يوم وضعتُ أنا مشروع قانون الأحوال الشخصية السوري الذي يُطبّق الآن في سوريا.

تلك المادّة هي أنه لا يجوز لأحد أن يزوّج البنت التي لم تكمل التاسعة من العمر، فإن زوّجها كان هذا الزواج باطلاً لا يُعتَدّ به ولا يكون له أثر معتبَر. ألقيت بعد ذلك محاضرات وكتبت مقالات أحمل فيها على هذه المادّة، وأقول إنها تقتضي اعتبار عقد الرسول عليه الصلاة والسلام على عائشة بنت أبي بكر عقداً فاسداً، لأن الرسول ‘ عقد عليها وهي بنت سبع سنين.

وجاء يوم الامتحان ولم أكمل استعدادي، فأتمّ الله نعمته عليّ فأُجّل الامتحان لأن المتقدّمين كانوا أقل من العدد المطلوب، فجدّدت استعدادي وعكفت مرّة أخرى على هذه القوانين وهذه النظُم حتّى ظننت أنني استكملتها حفظاً وفهماً.

<<  <  ج: ص:  >  >>