للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودخلت الامتحان، وكنت فيه -بحمد الله- من أوائل الناجحين، وعُيّنت قاضياً شرعياً في منطقة النَّبْك.

كان القاضي الشرعي يومئذ في مصر يختلف وضعه عن القاضي المدني؛ لأنه متخرّج في الأزهر والقاضي المدني في كلّية الحقوق، ولأنه لا اطّلاع له على القوانين الأجنبية واللغة الأجنبية. أما الوضع عندنا في الشام فعلى غير ذلك؛ إذ كان كل من القاضي المدني والقاضي الشرعي يُشترط فيه أن يكون حاملاً إجازة الحقوق، ولا يحملها إلاّ من أكمل الدراسة الثانوية ونال شهادتها، ولا يكملها وينال شهادتها إلاّ من عرف لغة أجنبية وأتقنها، فلم يكن في الحقيقة فرق كبير في سوريا بين القاضي الشرعي والقاضي المدني. لذلك كان من المألوف عندنا أن يُنتدب القاضي الشرعي للقيام بعمل حاكم الصلح (أي القاضي الجزائي) وأن يكون عضواً في محكمة البداية (المحكمة الكبرى) أو مستشاراً في محكمة الاستئناف.

نجحت في الامتحان وعُيّنت قاضياً، ولكنني لم أسارع إلى استلام العمل بل طلبت من الوزارة أن تُمهِلني شهراً. لا لألعب فيه وأستمتع ولا لأسافر وألهو، بل لأواظب في المحكمة الشرعية في دمشق حتّى أعرف المعاملات كلها: ابتداء من عقد النكاح وحصر الإرث وتنظيم الوصيّة، إلى الحكم في قضايا الإرْث والزواج والوقف ...

كان وزير العدل الزعيم الوطني زكي الخطيب، وقد مرّ ذكره لمّا تكلمت عن حسن الحكيم، وقلت إنهما من أنزه مَن

<<  <  ج: ص:  >  >>