للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوصل! ويضحكون من أنفسهم ويهنئونني على هذا القرار. وذهبوا فحدّثوا به في الأوساط القضائية في الشام، فكان -والحمد لله- خير ابتداء لعملي في القضاء.

* * *

التقسيمات الإدارية في سورية تتبع ما كانت عليه الحكومة العثمانية، فتتألف من أقضية، و «القضاء» هو أصغر هذه الأجزاء الإدارية، ومن مجموع الأقضية تكون «الولاية» (أو «المحافظة» كما سُمّيَت الآن)، ومن مجموع المحافظات تكون الحكومة.

فالقضاء صورة مصغَّرة للحكومة بوزاراتها كلّها، يَرئسها (١) قائم المقام وهو ممثّل وزارة الداخلية، يليه -تبعاً للتشريفات العثمانية- القاضي الشرعي، ثم حاكم الصلح، ثم مدير المال (ممثل وزارة المالية)، والطبيب الذي يمثِّل وزارة الصحّة، وممثّل المصرف الزراعي ووزارة الزراعة، إلى آخره. أي أن لكل وزارة من الوزارات ممثّلاً من قِبَلها يمثّلها في القضاء.

وجدت الموظفين يجتمعون كل ليلة عند قائم المقام. وكان قائم المقام يومئذ في النبك رجلاً إدارياً قديماً من حيّ القيمرية في الشام، مهذّباً رقيق الحاشية يحسن معاملة الناس، ولكنه بعيد عن جوّ العلم والأدب. ووجدت الأحاديث في هذه المجالس تافهة لا منفعة منها، بل لا متعة فيها، فأعرضت عنها. وانتقيت جماعة


(١) الشيخ عبد القادر المغربي، أستاذنا الذي صار يوماً رئيس المجمع العلمي، بحث في هذه المادّة (أي رأس) فتبيّن له أن الأقرب إلى الصواب أنها «رأَسَ يَرْئِس».

<<  <  ج: ص:  >  >>