للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الموظفين، على طريقة الشيخ سليمان الجوخَدار (الذي تقدّم الكلام عنه) وجعلنا نقرأ كتاباً ونتحدث حديثاً علمياً، نحدّد موضوعه قبل الجلسة. وانضمّ إلينا جماعة من أفاضل أهل البلد منهم شابّ (أو يومئذ كان شاباً) متخرّج في المدرسة الخسروية في حلب، بعمامة بيضاء هو الشيخ عبد الفتاح مالك الذي صار من كبار موظفي الأوقاف، وعلمت أنه غدا متولي الجامع الأموي في دمشق والمشرف عليه. وكان الشيخ عبد الفتاح هذا يلازمني ويكون معي دائماً، وكنت أطمئنّ إليه وأُسَرّ بأسئلته وبما يخوض فيه من موضوعات علمية نافعة، وكان يعينني على ما لا أستطيع النهوض به من شؤون الحياة، لأنني عشت عمري كله وأنا لا أحسن بيعاً ولا شراء ولا أعرف كيف أخالط الناس وأداخلهم.

وقضاء النبك -على قلّة أهله- مترامي الأطراف بعيد الجنبات، فكان يصعب على من في السهل أن يصعد الجبل إلى النبك لحضور المحاكمات، فجعلَت وزارة العدل يوماً في الأسبوع ينزل فيه القاضي وحاكم الصلح إلى «القطيفة». وطريق حمص طوله مئة وستّون كيلاً ولكنه مقسّم من القديم إلى محطّات، في كل محطّة قلعة وخان كبير كان يقوم يومئذ مقام الفنادق في هذه الأيام، يستريح فيه المسافر ويأمن فيه على نفسه وماله. في نصف الطريق تقوم النبك على بُعد ثمانين كيلاً من الشام، وما بين الشام والنبك، في نصفه، قرية القطيفة، وبين النبك وحمص في نصف الطريق قرية حسية على بعد أربعين كيلاً من حمص؛ أي أنه كان يقوم بعد كل أربعين كيلاً خان ومحطّة ومركز للحكومة.

<<  <  ج: ص:  >  >>