للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحداً بعد واحد، ونشأت على إثْرِها صلة بيني وبين الوزير الجديد راغب بك، حتّى إنه عمل على إذاعة هذه المحاضرة من الإذاعة مجزّأة كلّ أسبوع، فكان كل أسبوع يرسل إليّ سيارة الوزارة لتأتي بي من النبك إلى دمشق لألقي قسماً منها. ولم تكن للإذاعة عمارة خاصّة بها، بل كانت في غرفة من بناء الهاتف الآليّ.

وجدت من الأمانة أن أُعلِم الوزير بما عليه الحال في القضاء (قضاء النبك)، تخليصاً لذِمّتي لا قدحاً بزميلي ولا طعناً به، وقد قلت له ذلك بعد تردّد طويل وبعد أن وزنت الأمرَين (أمر السكوت وأمر الكلام) بميزان الشرع ثم بميزان العقل، فرجح عندي وجوب الكلام. ورجعت إلى مقرّ عملي.

وكان نزاعٌ بيني وبين حاكم الصلح على كاتب من كُتّاب المحكمة اسمه أحمد عبد المالك، هو يريد أن يأخذه إلى محكمته وأنا أريد أن أبقيه في محكمتي. وكان يتباهى أمام الناس بأن له سلطاناً في الحكومة فلا تَردّ له طلباً، فجئت بقرار من نائب الجمهورية بإبقائه عندي فسعى لإبطال هذا القرار، فجئت بقرار من النائب العامّ نفسه. ومرّت أيام وإذا بي أتلقّى ليلاً برقية سرّية من راغب بك الكيخيا (لا تزال موجودة عندي بأصلها الرسمي وخاتمها) وفيها: «تَقرّر كفّ يد حاكم الصلح. تولّوا أنتم أمر المحكمتين. راغب الكيخيا».

ذهبت صباح اليوم التالي إلى محكمة الصلح فوجدت غرفة الحاكم مغلَقة، فقلت لرئيس الكُتّاب: افتحها. فتردّد وقال إنه

<<  <  ج: ص:  >  >>