للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذبح في بعض الأيام وجبَت طاعتها في هذا الأمر. ولكن الذي منع الذبح ليس منّا، ليس من المسلمين بل هو مستعمر دخيل علينا، وكلنا نشتري اللحم في يوم المنع لا نرى في ذلك بأساً، بل ربما كان اللحم الذي اشتريته بالأمس من هذه الذبيحة عينها التي حاكموا الجزّار عليها.

وجدت مخلصاً من هذا فيما يشبه الحِيَل الشرعية الجائزة. الحِيَل في الشرع ممنوعة إذا كانت طريقاً لاستباحة محرّم أو للهرب من واجب، ولكن بعض الحِيَل ليست إلاّ مخرجاً من ورطة تَوَرّط المسلم فيها، وهذا النوع من الحِيَل أشبه بأن يكون جائزاً. ألم يعلّم الله نبيَّه الذي حلف أن يضرب زوجته مئة ضربة طريقة تخلص بها من ورطته إذ قال له: {خُذْ بيدِكَ ضِغْثاً فاضْرِبْ بهِ ولا تَحْنَثْ}؟ هذه في ظاهرها حيلة، ولكنها ليست حيلة لاستباحة محرّم ولا للهرب من واجب بل للخلاص من مشكلة.

فلما وقف بين يديّ الذي ذبح في يوم المنع سألته: هل كان الحيوان مريضاً فاضطُررتَ إلى التعجيل بذبحه، أو هل وقع فانكسرت رجله فدفعك ذلك إلى ذبحه في هذا اليوم بالذات؟ فانتبه وكان ذكياً، فقال: نعم. وسألت الذي باع بالمُدّ وضبطه الشرطة عنده في دكانه، قلت له (ألقّنه حُجّته): هل كنت تستعمل المُدّ على أنه آنية من الأواني، وهل استبقيته عندك لهذا الغرض بعد أن مُنع استعماله؟ فقال: نعم.

فهل كنت مخطئاً في هذا؟ هل على القاضي أن يتبع حرفية القانون أو أن يمشي مع مقاصد الشارع؟ ذكرت هنا قصّة الصحابة

<<  <  ج: ص:  >  >>