للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حين أمرهم الرسول عليه الصلاة والسلام ألاّ يصلّوا العصر إلاّ في بني قريظة، فمنهم من فهم الأمر فهماً حرفياً فأخّر صلاة العصر حتّى وصل إلى بني قريظة، ومنهم من فهم أن الرسول ‘ لم يكن يريد تأخير الصلاة ولكن تعجيل السير، فصلّى على الطريق. فما لام الرسول ‘ واحداً من الفريقين لأن العذر قائم. وأنا منعت العقوبة عن مرتكبي أمر يعتبره القانون ذنباً، ولكنه ليس ذنباً في نظر الشرع ولا في نظر العرف، وليس فيه مضرّة لأحد، وأنا أعمل مثله. فكيف أُعاقب رجلاً على عمل أنا أعمله والشرع لم يمنعه؟ وهل أستحقّ أن أكون مع ذلك قاضياً؟

* * *

وعُرضت عليّ في محكمة الصلح قضية عادية تافهة، ولكن الظروف كبّرَتها ونفخت فيها وجعلَت منها قضية مسلمين ونصارى.

وقد أمرنا الله أن لا نتّخذ بطانة من دوننا لا تألونا خبالاً، وبيّن لنا أنهم يودّون عنتنا وأننا نحبّهم ونخلص لهم ولا يحبّوننا، وأن البغضاء قد تبدو من أفواههم حيناً وتخفى أحياناً، ولكن ما في قلوبهم من بغضنا والدسّ علينا والألم لما يصيبنا من الخير أكبر. ومع ذلك لم ننتبه. وقد طالما رأيت في حياتي من تسامحنا نحن وتعصّبهم ومن إخلاصنا ومن كرههم ودسّهم علينا الشيء الكثير.

القضية أنه كان عندنا قانون من أيام العثمانيين، أن مَن أفطر في شهر رمضان علناً حُبس إلى نهاية الشهر. وقد رأيت

<<  <  ج: ص:  >  >>