للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن فعلت أكون داعية سوء ودالاًّ على الشرّ بدلاً من أن أكون داعية خير ودالاًّ عليه.

وجاء وأنا قاضي دوما رئيسٌ لمخفرها، شركسي قوي حازم يغار على الفضيلة ويدافع عنها، فصار يتعقب من يعمل هذه «الشكارات» (التي قُضي عليها الآن ولم أعد أسمع لها ذكراً). ولقد بثّ عيونه وأرصاده فعلم أن منزلاً من المنازل يقام فيه شكار، فداهمه وطوّقه بجنده، وأراد أن يقبض على من قام به فقاوموه وأطلقوا عليه وعلى جنده الرصاص، فلم يكن يقدر أن يدافع عن نفسه إلاّ بإطلاق النار، فأصاب واحداً منهم فقتله.

فلما كان اليوم التالي، وكنت في محكمتي أنظر في قضية من القضايا، وأذكر أن أحد المحامين الواقفين أمامي كان الأستاذ داود التكريتي، وكان الأستاذ التكريتي والأستاذ ظافر القاسمي رحمه الله والأستاذ عاصم الإنكليزي قد أنشؤوا داراً للنشر وطبعوا كتباً مفيدة.

كنّا في نظر القضية، وإذا أصوات تأتي من الشارع وجلبة وصياح وضوضاء، فنظرت فإذا جموع أولها يكاد يبلغ باب القصر وآخرها لا يبدو لنا من كثرتها. فوَقفتُ المحاكمةَ وبعثت أنظر ما الذي جرى، فقالوا: إن دوما ثائرة وإن آلافاً مؤلفة من أهلها الذين غضبوا لقتل رئيس المخفر لهذا الرجل منهم قد حملوا ما وجدوا من أسلحة، وتوجهوا ثائرين مهدّدين إلى قصر الحكومة.

وكان منهم من يحمل بندقية صيد، ومنهم من يحمل مسدساً، ومنهم من يحمل سيفاً أو يلوّح بسكِّين أو عصاً، وكان

<<  <  ج: ص:  >  >>