للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقرب إلى الظفر. وأنا أنتقل في أقلّ من لحظة من حالة الهدوء إلى حالة الغضب، أي من السكون إلى الحركة. يكون نبضي عادياً، ففي هذه اللحظة تسرع ضرباته وأكون كمحرّك السيارة الذي يشتغل ويدور من لمسة واحدة يلمسها السائق بمفتاحه. ومن السيارات ما هو أقوى وأسرع ولكن محرّكه لا يحمى ولا يتحرك إلاّ بعد مدّة أطول.

الذي يُقدم في لحظة التردّد قبل أن ينتبه خصمه منها ينجح غالباً، وربما جاءته مرّة من المرّات وجد فيها أمامه مَن هو أسرع منه قراراً وأشدّ قوّة فينهزم.

ولا تحسبوا هذا الهجوم جرأة وشجاعة، بل هو تعبير عن الخوف. الخوف إما أن يدفعك إلى الأمام فتهجم أو إلى الوراء فتنهزم. كلاهما مظهر له وتعبير عنه، حتّى إن وليم جيمس يبالغ فيقول بأن الذي يواجهه الخطر يهرب أو يهجم ثم يخاف؛ أي أن الخوف إذا خلا من هذه المظاهر الجسدية لا يكون خوفاً.

وفي هذا ردّ على من يقول بأن الإيمان في القلب، فيزعم أن قلبه ممتلئ بالإيمان ولكنه لا يصلّي ولا يصوم ولا يقوم بعمل من الأعمال التي يستلزمها الإيمان ويقتضيها والتي هي نتيجة له. كالعاشق المتيّم تدخل عليه محبوبته فلا تزداد نبضات قلبه ولا يتغير لون وجهه ولا يتحرّك من مكانه، هل يصدق أحد أنه عاشق؟

ولكن ما لي تركت ذكرياتي وقعدت أتفلسف؟ سامحوني،

<<  <  ج: ص:  >  >>