للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسمه الدكتور صادق اللبابيدي، وكانت عيادته في باب البريد في دمشق. فكنت كلّما ذهبت إليه أتعجّب منه ولا أصدق بأنه طبيب لأن من سمات الأطبّاء أن يكونوا من الوزن الثقيل.

* * *

ولما ذهبت إلى مصر للدراسة فيها سنة ١٩٢٨ شكوت ألماً في مفاصلي، فأخذني شريك خالي وزوج أختي عبد الفتاح قَتْلان (رحمة الله عليه) إلى طبيب يونانيّ سمين جداً لا يعرف العربية، فاجتمعَت فيه صفات البراعة كلها وهي: الشحم واللحم وأن يكون «خواجة» أجنبياً، لأننا كنّا مع الأسف نعتقد أن كل شيء أجنبي هو أفضل وأرقى من الوطني.

هذا ما يعتقده العامّة والجَهَلة من الناس والأطفالُ الصغار، وكنت واحداً منهم. فلما كشف عليّ وجسّ نبضي شكوت إليه ما بي، فأظهر الفزع والدهشة وسأل: لماذا تأخّرت إلى الآن؟ وكان الذي ينقل كلامه ترجمان لا يكاد يُحسِن العربية أيضاً، فأدخل الرعب في قلبي. وتكلّم الطبيب كلاماً كثيراً فهمت منه أن عظامي ينقصها الكلس وأنني إذا أكثرت الحركة أو حملت شيئاً ثقيلاً انقصفَت عظامي. فذهبت إلى الدار، وكنت أنزل عند خالي مُحبّ الدين الخطيب في شارع الاستئناف في باب الخلق، وخالي لم يراجع في عمره طبيباً، كانت حرارته تصل إلى الأربعين وهو منغمس في عمله لا يجد (كما كان يقول) وقتاً للمرض. فلما جئته واضطجعت على السرير وأبيت أن أتحرّك سخر مني ومن الطبيب الذي أمرني بهذا. ولكني لم أبالِ يومئذ بسخريته لِما استقرّ في

<<  <  ج: ص:  >  >>