فعلى الطبيب أن يكون نبيهاً، فمَن كان من المرضى على شيء من العلم شرح له مرضه شرحاً لا يُخيفه ولا يُبقيه في جهالة، وهذا ما يصنعه صديق لنا من الأطبّاء كان أستاذاً في كلّية الطبّ في دمشق هو الدكتور عارف الطّرَقْجي. أي أنّ على الطبيب أن يداوي بنباهته وذكائه ولطف حِسّه وصفاء نفسه ومعرفته بأصناف المرضى قبل أن يداوي بطبّه وبعقاقيره.
وممّن عرفت من الأطبّاء قوم لا يستطيعون أن يَصلوا إلى معرفة المرض ولا يجرؤون على الإقرار بالجهل، فهم يكدّسون في وصفة الدواء أنواعاً من المسكّنات التي تذهب بالألم ولكنها لا تأتي بالشفاء.
وهذا في رأيي أقرب إلى أن يكون خيانة من الطبيب، ذلك لأن الألم جعله الله علامة على المرض، فإذا جاء الطبيب فمحاه لم يعُد يَعرف المريضُ مكانَ مرضه ولا الطبيبُ طريقَ علاجه. فمثال هذا الطبيب الذي يعمد إلى المسكّنات وحدها كمثل لصّ دخل الدار فترك آثار أقدامه وبصمات أصابعه، فدعوت شرطياً، فبدلاً من أن يصل منها إلى معرفة اللصّ جاء بخرقة وصابون فمسحها ونظّف البيت وأزال هذه الآثار! أي أنه تحوّل من شرطي يحفظ الأمن إلى خادم ينظّف البيت، ولو اقتصر الأمر على هذا لهان، ولكنه أجرم جريمة حين محا العلامات التي تدلّ على المجرم.
وممّن عرفت من الأطبّاء من يجمع عدداً من أدوية المرض، بعد أن يخبره به المريض بلسانه أو يصل هو إلى معرفته بتشخيصه؛ لا يكتفي بالعقّار الواحد بل يجمع عدداً منها خوفاً