من أن يعجز أحدها عن الشفاء فيقوم به الآخر. وأنا بمقدار علمي القليل أعرف أن لكل دواء من الأدوية أو عَقّار (١) من العقاقير أثراً مقصوداً وآثاراً جانبية أخرى، وأن عمله وحده قد يختلف عن عمله إذا رُكِّب مع غيره. فهؤلاء الأطبّاء الذين يجمعون عدداً من الأدوية للمرض الواحد ولا يعرفون تأثير تركيبها الكيميائي إذا اجتمعت، قد يضرّون من حيث يقدّرون أنهم ينفعون.
ومنهم من يستر عجزه عن معرفة المرض بستار كثيف عريض طويل فيقول لك: إنها «حساسية» وليست مرضاً، وفي دعوى الحساسية متسَع للجميع.
وممّا لا ينتبه له كثير ممّن عرفت من الأطبّاء أنهم يصفون دواء لمرض ربما كان في جسد المريض مانع من استعماله. كان عندنا في كلية التربية في مكّة من أكثر من عشر سنين أستاذ سوداني، كان -كما أظنّ- رئيساً لقسم علم النفس في الكلّية. وكان رجلاً عالِماً صالحاً ديّناً، وكان يشكو من البول السكري، فذهب إلى أحد المستشفيات فوصف له طبيب دواء وأمره باستعماله، فقال له إن هذا الدواء لا يُستعمَل في مثل حالته ونبهه إلى أن ذلك مكتوب في الورقة التي تكون عادة في علبة الدواء، ولكن الطبيب أصر على وجوب استعماله وأعطاه شيئاً منه، فما أمسى على الأستاذ المساء حتّى أدركته الوفاة. وكان هذا الطبيب مُعاقَداً معه، وقد فُصل وأظن أنه عوقب، ولكن ما الفائدة وقد مات الأستاذ؟