منه أن يعود من غير أن يستريح فدعاه إلى الدخول، فدخل وقال: أين المريض؟ فحاروا ماذا يقولون له وتردّدوا وارتبكوا، ثم قال واحد منهم: لقد شفي المريض ولم تبق حاجة لأن تُتعِب نفسك برؤيته. قال الدكتور: دعوني لكي أراه ولا أريد منكم شيئاً لأنكم جيراننا. فأخذوه إليه مُرغَمين، فلما وصل إلى فراشه وأحسّ به المريض لفّ نفسه باللحاف حتّى لم يَعُد يبدو منه شيء وصار كأنه كرة مدوّرة، فمدّ الطبيب يده ليستخرج كفّه فيرى نبضه فخبّأها منه، وما زال به وهو يبتعد عنه كأنما هي رواية هزلية أو كأنها مصارعة يحمي بها المصارع نفسه من هجمة الخصم! حتّى يئس منه فتركه ونزل.
* * *
وإذا كان في الأطبّاء من يريد أن يأخذ أكثر من حقه وأن يستلب المريض أمواله، وإذا كانت بعض المستشفيات الخاصّة إنما أنشئت لغرض تجاري هو جمع المال واستعجال الغِنى، تريد أن تجرّد المريض من كل ما في كيسه من مال، ولو استطاعت لجرّدَت عظامه من اللحم الذي يلتصق بها، فإن من الناس من يظلم الأطبّاء ويعتدي على حقوقهم ويسرقهم ويأخذ منهم ولا يعطيهم.
لاحظوا أنني قلت «بعض المستشفيات» ولم أعمّها كلها ولم أعيّن بلدة بعينها، فهذا وصفٌ مَن كان متصفاً به من أصحاب المستشفيات فليستغفر الله وليعُد إلى الصواب، ومن كان بعيداً عن هذا الوصف فما ناله منه شيء.