ومن العادات المألوفة عند العوامّ من أهل الشام، لا سيما النساء منهم، أن الواحدة إذا اشترت شيئاً ثميناً، خاتماً أو سواراً، أخذت «على البيعة» قطعة صغيرة لا تدفع ثمنها، فإذا اشترت غرفة نوم مثلاً طلبَت على البيعة كرسياً أو وسادة زائدة. ولقد رأيت من يصنع ذلك مع الأطبّاء؛ مرض مرّة أحد أصدقائنا من التجّار الموسرين واحتاج إلى طبيب متخصّص يعوده في داره لأنه لا يستطيع أن يذهب إليه في عيادته، وكان الطبيب صديقاً لي، وكان كثير الزبائن ضيّق الوقت مزدحم الأعمال، لذلك كان أجره غالياً، والمريض -على غناه- لا يحبّ أن يدفع كثيراً، فكلّمت الطبيب حتّى أسقط عنه نصف الأجر المعتاد الذي يأخذه من غيره.
وذهبنا إليه في داره، فلما انتهى من الفحص عن مرضه وأخذ الأجرة المخفّضة التي اتفقنا عليها وودّعناه نادانا قبل أن نصل إلى الباب: يا دكتور يادكتور ... فالتفت الدكتور ليرى ماذا يريد، فقال له: من فضلك هذا الولد تعبان ومتألّم فأرجو أن تفحصه «على البيعة»!
ومن المرضى مَن إذا أكمل الطبيب الكشف عليه جاءه بأخيه أو بابن أخيه أو برفيق له فسأله عن مرض يشكو منه ليكتب له وصفة دوائه «على البيعة».
نقابة المحامين في كلّ بلد تقرر أجرة للاستشارة الحقوقية، ومن كبار المحامين من لا يرافع في المحاكم ولكنه يدرس القضايا ويعطي مشورته فيها، ونجد مع ذلك كثيراً من أصحاب القضايا