يريد أن يأخذ المشورة بالمجّان. وأنا تأتيني رسائل كثيرة فيها أسئلة ظاهرُها سؤال فقهي أو ثقافي لأجيب عنها في أحد برنامجَيّ في الإذاعة وفي الرائي، وهي في الحقيقة خلاصة لدعوى قائمة في المحكمة، فهو يسرد لي تفاصيلها ووقائعها ليسألني عن الحكم الشرعي فيها، وما يريد معرفة الحكم وإنما يريد كسب القضية؛ أي أن هذا الجواب الذي يسعى لأخذه مني لو ذهب إلى محام متفرغ للاستشارات الحقوقية لطلب منه ثمن الجواب خمسة آلاف أو عشرة آلاف.
ولا أقول هذا لأتكلم عن نفسي، بل لأبين أن السرقات كما تكون مادّية (أي سرقة أموال وأشياء) تكون معنوية.
ومن الناس من يسرق من الأطبّاء من غير أن يدفع الثمن الشرعي لما يأخذه منهم، يَلقى أحدُهم الطبيبَ في مجلس من المجالس أو في طريق من الطرق فيحدّثه عن مرضه ويصفه له ويسأله عن طريق علاجه، بدلاً من أن يذهب إليه في عيادته على الطريقة التي وُجدت العيادات من أجلها. ومنهم من يطلب العلاج مجّاناً من البرامج الطبّية في الإذاعة أو في الرائي أو في الأبواب المخصّصة لأسئلة القراء في المجلاّت الطبّية والعلمية.
* * *
أنا لست طبيباً ولا ناقداً طِبّياً لِما يُذاع ولما يُنشر، ولا أقرّر هنا حقائق علمية أوجبها على الناس، وإنما أسرد ذكريات لما رأيت ولما سمعت.