سيدي ما اشتريت الدواء ولا استعملته، وإنما اكتفيت بكلامك.
من هذه الحادثة التي مرّت بي ومثيلات لها (رأيتها بنفسي أو رأيتها فيمن أعرف من الناس) تبيّن لي أمر، ما أدري هل الذي وصلت إليه حقّ يُقرّه الأطبّاء أو هو وهم أديب يتكلم في الطبّ بلا علم؟ وجدت أننا إذا تركنا الأمراض المعروفة التي تثبت بأعراض ظاهرة أو بفحص مجهري أو بتحليل كيميائي، إذا تركنا هذه الأمراض وجدنا أن كثيراً جداً من الآلام التي نحسّ بها في مفاصلنا تارة وفي رؤوسنا (في الصداع العادي بأنواعه) وفي صداع الشقيقة (أي نصف الرأس)، أكثر هذه الآلام التي نراجع الأطبّاء فيها مَنشؤه نفسي لا جسدي. فهل هذا الذي قلته صحيح؟
لا ينكر أحدٌ الصلةَ بين الحالة النفسية والأعراض الجسدية بل الأمراض أيضاً، فكما أن الغضب يزيد ضربات القلب والحزن الشديد يقلّلها واشتغال الفكر يُذهِب النوم ... فإن أمراضاً تنشأ من أمثال هذه الأسباب.
ولقد قرأت من قديم أن «المريض الوهمي» في قصّة موليير يُحِسّ الآلام نفسها التي يُحِسّ بها المريض حقيقة. ولقد كنّا نسمع ونحن صغار من جداتنا الحكاية الشعبية المشهورة، أن صبيان الكتّاب أحبّوا أن يهربوا منه فاتفقوا على أمر، فجاء واحد منهم إلى الشيخ فقال له: يا شيخي وجهك أصفر. فزجره الشيخ ورفع عليه العصا. فجاء الثاني بعد قليل فقال: يا شيخي وجهك أصفر. فزجره زجراً أقلّ من الأول. ولمّا جاء الثالث والرابع بدأ يصدّق،