فلما قال له التلميذ التاسع: يا شيخي وجهك أصفر ... اصفرّ وجهه فعلاً وبدأ يُحِسّ المرض، وأغلق الكُتّاب وذهب إلى الدار!
كنت في شبابي أذهب كلّ سنة إلى طبيب لا يعرفني فأقول له: أريد أن تفحصني فحصاً عاماً. فيفعل ويستعين بالصور الشعاعية بناء على طلب مني وبالتحاليل الممكنة كلها وبالفحص السريري، فإذا انتهى قال لي متعجباً: ما الذي تشكو منه؟ قلت: لا أشكو من شيء. فيقول: لماذا جئت إذن وليس فيك شيء وجسدك صحيح؟ فأقول: جئت أسمع منك هذه الكلمة.
إذا قلت للرجل الصحيح:"إنك متعب تبدو عليك بوادر المرض" فإنك تقربه بهذا إلى المرض. وإذا قلت لمن هو في أوائل المرض:"إنك صحيح قوي الجسم، القوّة ظاهرة عليك والصحّة بادية على وجهك" فإنك تبعده بذلك ولو شيئاً قليلاً عن المرض.
* * *
وممّا هو للأطبّاء على المرضى (وقد رأيت لذلك أمثالاً كثيرة) أن المريض يذهب إلى الطبيب، فإذا فحص عن مرضه وكشف عليه وكتب له الدواء جرّب من هذا الدواء أقراصاً معدودة (إذا كان الدواء في أقراص) أو ملاعق قليلة (إذا كان الدواء شراباً)، فإذا لم يجد أنه شُفي ترك هذه الأدوية وذهب إلى طبيب آخر ليفحصه كما صنع الأول، فيكتب له الدواء فيهمله كما أهمل الدواء الأول. فإذا ذهب إلى عدد من الأطبّاء واجتمعَت عنده مجموعة من الوصفات الطبية ومن قوارير الأشربة وعلب