وكانت قد وصلت ودخلت إلى العيادة، فقالت له العجوز: آه آه يا دكتور، ما استفدت شيئاً، لقد أهلكوني من كثرة الخَضّ، لقد تقطّعَت أعضائي وتمزّقَت مفاصلي. فسألهم متعجباً: ماذا صنعتم بها؟ ألم تعطوها الدواء في مواعيده؟ قالوا: بلى، أعطيناها الدواء ولكنها ما كانت تقبل الخضّ وتألّمَت منه، فسمعنا رأيك وأعرضنا عن احتجاجها. قال: ويلكم، ماذا عملتم بها؟ قالوا: ألم تقل لنا ينبغي أن نخضها جيداً قبل أن نسقيها الدواء؟ ظنّوا بأن الواجب خضّ الأم لا خضّ القارورة! وكانوا شباباً أقوياء فكان يمسك أحدهم بيديها والآخر برجليها ثم يهزّونها هزاً ويشدّونها ويدفعونها قبل أن تأخذ الدواء، حتّى ذهبوا بالبقية الباقية من قوّتها ومن جَلَدها.
وخبّرني مرّة أنه صنع شراباً لمريض، وسلّم إليه قارورته وقال له: تأخذ منه كل يوم ثلاثة فناجين قهوة بعد الأكل. فرجع إليه بعد أيام وخبّره أنه أخذ الفناجين ولم يستفِد شيئاً. فقال الطبيب: فناجين ماذا؟ قال:"والله يا دكتور فناجين قهوة بالهيل والزعفران، قهوة أصولية، ولكنها لم تشفِني من المرض" ... ظنّ بأنها ثلاثة فناجين من القهوة، وإنما أراد الطبيب ملء ثلاثة فناجين من الشراب!
وممّا هو للأطبّاء على الناس: أن بعض المرضى من الناس يدَعون الطبيب الإخصائي في المرض ويذهبون إلى طبيب مبتدئ، فيهملون رأي الطبيب الأستاذ ويأخذون رأي الطبيب الجديد. وربما داوى المرضى مَن ليس بطبيب؛ الصيدلي مثلاً قد