للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكّة والمدينة، وأكثر ما يحملونه معهم ماء زمزم في علب صغيرة من الصفيح محكَمة الإغلاق، وبعض تمر المدينة يأكلونه تبرّكاً به، وشيء من تراب المدينة في قطع على شكل كُمّثرى ملفوف بشرائط ضيّقة من القصب، كنّا نلعقه بألسنتنا لنتبرّك به. وكل ذلك -كما يعلم الجميع- لا أصل له في الشرع. ومن الهدايا التي كان يحملها الحجاج طاسات وكؤوس وأوانٍ من النحاس المنقوش نسمّيه في الشام «المَكّاوي» نسبة إلى مكّة، مع أنه لم يُصنَع فيها وإنما صنع كما أظن في الهند أو في غيرها، فلست أدري على التحقيق.

ومرت الأيام حتّى جاءت سنة ١٣٥٣هـ، فرحلنا رحلة الحجاز الصحراوية التي سبق الحديث عنها. ولم ندرك فيها أيام الحجّ ولكن وصلنا بعد انقضائها.

حججت أول حجة سنة ١٣٧٣هـ، ولهذه الحجّة حديث طويل سيأتي إن شاء الله عقب الكلام على المؤتمر الوحيد الذي حضرته في عمري وهو مؤتمر القدس، والذي انتُخبتُ رئيساً لإحدى لجانه التي هي لجنة الدعاية، ورحلنا رحلة طويلة إلى آخر المشرق نُعرّف المسلمين بقضية فلسطين ونشرحها لهم، من غير أن نقبض مالاً، لأن عندي خشية تبلغ حد الوسواس من الدخول في قضايا تتصل بجمع المال واستلامه.

وسأصف إن شاء الله كيف كانت مكّة في تلك الأيام، وكيف كان الحرم قبل توسعته هذه الأخيرة، وإن كان قد مرّ طرف من ذلك فيما سلف نشره من هذه الذكريات.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>