شرعي يستند إليه ويعتمد عليه، لم تبقَ لها قيمة مادّية وصَفَتْ للتاريخ والعلم. لذلك خفتُ أن تضيع وبذلت ما أستطيع من جهد، بلساني وبقلمي، فكتبت إلى وزارة المعارف وإلى الجامعة وإلى المَجْمع العلمي، وندبت الناس إلى الاحتفاظ بها خوف ضياعها، فلم يُصغِ إليّ أحد، وأخشى أن تكون الآن قد ضاعت، وحينئذ لا تكفي موازنة الدولة لخمس سنين لتعويضها لأنها كنز لا يُعوَّض.
* * *
كان أعرض باب يدخل منه المفسدون والطامعون بأموال الناس هو قضايا الأيتام الذين ليست لهم أهليّة الدفاع عن أنفسهم ولا يملكون التصرّف بأموالهم. وليس عندنا إلاّ قانون عثماني قديم مستمَدّ في الأصل من المذهب الحنفي.
والمسائل الفرعية في الشرع التي تشتمل عليها كتب الفقه منها ما هو مبدأ ثابت بالنص لا يؤثّر فيه تحوّل الأحوال وتبدّل الأوضاع، وهذا الذي تنطبق عليه القاعدة الشرعية المعروفة:«لا مجال للاجتهاد مع ورود النصّ»، وقسم هو تطبيق لهذا المبدأ، يتبدّل بتبدّل الأزمنة والأمكنة، وهذا الذي تنطبق عليه القاعدة الأخرى:«لا يُنكَر تبدّل الأحكام بتبدّل الأزمان».
مرّ على قانون الأيتام دهر طويل تغيرَت فيه أوضاع الناس وهو باقٍ على حاله، كأنه ثوبٌ خِيطَ للولد الصغير على مقاسه، كان مناسباً له، ثم كبر الولد فضاق عنه الثوب! كان هذا القانون يقضي ببيع التركة كلها إن كان في الورثة قاصر وتقسيم الثمن