وليس من مصلحة الأدب أن يظل أدباء مصر والعراق جاهلين مدى الحركة الأدبية في الشام ومغترّين بها، وليس من المصلحة أن يبقى أدباء الشام ومصر جاهلين مدى الحركة الأدبية في العراق، بل يجب أن يصف أدباء كلّ قطر من الأقطار الحياةَ الأدبية في قطرهم، ومبلغ قوّتها أو ضعفها، وسبب تقدّمها أو عِلّة قصورها، وأن يُحلّلوا أدواءها وأمراضها، لنتعاونَ جميعاً على علاجها ومداواتها وتقويتها وشدّ أزرها.
والحياة الأدبية في الشام أحوج شيء إلى المداواة والعلاج ... إن كان في الشام حياة أدبية لها وجود ولها آثار يستطيع الناقد أن يصفها ويتحدث عنها. وأنا أشكّ في وجود هذه الحياة، فلا أستطيع أن أجزم بوجودها لأني لا أرى علامة من علامات الحياة في أدباء دمشق وأدبها، ولا أستطيع أن أنفيها لأن في دمشق أدباء كباراً معروفين، ولأن دمشق -كما يعلم الناس جميعاً- عاصمة من عواصم البيان العربي.
ولقد رجعت أعرض التاريخ الأدبي في دمشق منذ عهد الاحتلال إلى اليوم (أي إلى سنة ١٩٣٦) وأنظر الآثار الأدبية الخالصة التي أخرجها أدباء دمشق في هذه السنين، فلا أجد إذا استثنيت مجلّتَي «الرابطة الأدبية» و «الميزان» وروايتَي «سيد قريش» و «عمر بن الخطاب» لمعروف الأرناؤوط وكتابَي «المتنبّي» و «الجاحظ» لشفيق جبري (وإن كان هذان الكتابان نمطاً جديداً من الكتابة عن الأدباء، ويكاد صدورهما يُعَدّ فتحاً لكنه غير كامل) ورسائل «أئمة الأدب» لخليل مَرْدَم بك ... إذا استثنيت