هذه الكتب وكتابَين آخرَين أو ثلاثة قد أكون نسيتها، لا أجد أثراً أدبياً له قيمة. وهناك كتب محمد بك كرد علي:«خُطَط الشام» و «الإسلام والحضارة» وغيرها، ولكنها ليست من الكتب الأدبية الخالصة وإنما هي كتب تاريخ لا تدخل في موضوع المقال، وإن كان كتابه «غرائب الغرب» نمطاً عالياً من كتب الرحلات، وكان أسلوب الأستاذ كرد علي لا سيما في «أمراء البيان» أسلوباً فريداً في الترسّل، ولقد كتبت عنه حين صدوره صادقاً غير مبالغ: إنني كنت أتخطّى عبارة عبد الحميد الكاتب الذي يكتب عنه كرد علي لأقرأ عبارة كرد علي!
على أن هذه الكتب التي استثنيتها ليست في درجة واحدة من حيث قيمتها الأدبية، فبينما نعدّ «سيد قريش» عملاً فنّياً كبيراً (على ما فيها من ضعف العقدة الروائية، وتشابه المناظر، وتكرار الأوصاف، وغلبة النصرانية على أجمل صفحاتها) نعدّ رسائل أئمة الأدب لخليل مردم بك كتباً مدرسية موضوعة لطلاّب البكالوريا، لا تبلغ أن تُعَدّ في الدراسة الأدبية القوية التي تستند إلى طريقة في البحث معروفة وتكشف عن نواحٍ مجهولة من حياة الأديب الذي تبحث عنه ومن أدبه. ثم إن هذه الكتب إذا قيسَت بمدينة كدمشق في مُدّة طويلة كهذه المُدّة لا تعدو أن تكون أثراً ضئيلاً لا يدلّ على حياة.
وهذا الأثر -على ما فيه من ضعف- ينحصر في فنّين من فنون الأدب هما: القصّة التاريخية والدراسة التحليلية. أمّا سائر فنون الأدب كالقصّة التمثيلية، والأقصوصة الصغيرة، والرواية