إن أدباءنا يحتجّون بأنهم لا يجدون مكاناً ينشرون فيه، وإذا لم يجد الأديب سبيلاً إلى النشر ضعُفَت هِمّته وانكسر نشاطه ولم يجد حافزاً إلى العمل، لأن فَقْد الناشر من أكبر الأسباب في هذا الركود الأدبي.
وهذا صحيح، فليس في دمشق مجلاّت أدبية إلاّ مجلّة صغيرة اسمها «الطليعة» يُصدِرها نفر من الشباب المثقفين الذين يحملون أكبر الشهادات العالية من أكبر المعاهد في أوربّا، ولكن لها منحى خاصاً لا يرضى عنه الناس كلهم، وأخصّ أهل الدين والمحافظة منهم، وهي تمشي بخُطىً مضطربة، وربما اضطُرّ أصحابها إلى إغلاقها كما اضطُرّ من قبل أصحاب «الثقافة» إلى إغلاقها. على أن أصحاب «الثقافة» كانوا من صفوة أدبائنا ومفكّرينا، كخليل مردم بك وجميل صليبا وكاظم الداغستاني.
ثم إن الجرائد اليومية لا تُعنى بالأدب عناية كبيرة ولا تخصّص له صفحات دائمة، وإن هذه الصفحات الأدبية التي تتزيّن بها صدور بعض جرائدنا اليومية أكثرُها صفحات فارغة، لا أظنّ أن أحداً من أهل الذوق الأدبي يرضى عنها، بل إن أصحاب الجرائد والقائمين عليها لا أحسبهم راضين بها.
وإذا ألّف الأديب كتاباً أو قصّة لم يجد الناشر، وإذا أنفق عليها من ماله لم يشترِها أحد، لأن دمشق بلد يقرأ أهله كثيراً ولكنهم لا يشترون! وهذه مجلّة «الرسالة» لا تجد في دمشق أديباً أو متأدّباً إلاّ اعترف لك بأنها خير مجلّة أُخرِجَت للناس وأن العالَم العربي لم يعرف مجلة مثلها منذ أُنشئت أول مطبعة في مصر، ولا تجد أديباً أو متأدّباً أو طالباً إلاّ وهو ينتظر يوم الثلاثاء ليقرأ