للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي نغمة معروفة في الشام، نعلّمها التلاميذ في درس العَروض ليضبطوا بها بحر البسيط. وأقول -بالمناسبة- إن الصديق الأستاذ أحمد عبيد نظم قصيدة أيضاً جاء فيها بيت كان أشعر وأسيَر من بيت الداودي، وهو:

الطبُّ بحرٌ طما ... وفيهِ حُسني سَبَحْ

أما الرياضيات فكان يدرّسها اثنان: جودة الهاشمي، وهو أشهر مدرّسي هذه المدرسة (وقد سُمّيت باسمه أكبر ثانوية في سوريا) وكان عالماً بالرياضيات، هضمها -كما يقولون- هضماً وقتلها فهماً، وأحسن فيها تعليماً وتفهيماً، وأعانه على ذلك سكوت التلاميذ في درسه واستماعهم لقوله، فأفاد واستفاد. وكنا نتوارث هيبته والخوف منه، يتواصى بذلك الطلاّب، الخلف منهم عن السلف.

أما الثاني فهو مسلَّم عِناية، وهو عبقري من أفذاذ الرجال؛ كان من كبار الضباط أركان الحرب ومن أعلمهم بالفنون العسكرية، وكان أستاذاً في العلوم الطبيعية وفي الكيمياء خاصةً، يرجع إليه مدرّسوها في معضلات مسائلها، لا يكتمون ذلك عنا ولا يتحرّجون من ذكره أمامنا. وكان أستاذاً في «الطبوغرافيا» وأستاذاً في علم الموسيقى، وكان يُتقِن التركية وكان أديباً فيها، والفرنسيةَ وكان يدرّسها في مدرسة الشرطة، والألمانيةَ وكان يُحسِنها.

ولكنه كان -على هذه المزايا كلها- بعيداً عن التوفيق في التدريس عاجزاً عن ضبط التلاميذ، له في الفوضى نوادر عجيبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>