للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللغة العربية. أمّا جامع الزيتونة فهو حصن العربية الأشمّ، وهو بمثابة الأزهر في مصر، وخريجوه الصفوة من العلماء والحُكّام والقُضاة، وهم الطبقة الوحيدة ذات الثقافة العربية المحضة. أمّا المدرسة الصادقية ومدرسة اللغة والآداب العربية فإن الدراسة تقع فيهما باللسانَين، وربما غلبت فيهما الثقافة الفرنسية على العربية. وفي هاتين المدرستين تخرّج جلّ كبار موظفي الإدارة الفرنسية ومترجميها، وعن طريقهما سافرَت البعثات التي تتكوّن اليوم منها نخبة طيّبة من الأطباء والمحامين والمهندسين. ولكن أطباءنا ومحامينا ومثقَّفينا قلّما يكتبون أو يؤلّفون بالعربية، وكم كنّا نودّ لو أن دكاترتنا كانوا كدكاترة مصر الذين قامت على سواعد أكثرهم نهضة مصر العلمية والأدبية.

أمّا المؤسّسات الأدبية فهناك الجمعية الخلدونية، وهي أقدم المؤسّسات التونسية، ثم جمعية قدماء تلامذة المدرسة الصادقية، وأخيراً جمعية الكُتّاب والمؤلّفين. فأما الخلدونية وقدماء الصادقية فأغلب نشاطهما منصرف إلى تنظيم المسامرات الأدبية والعلمية وإقامة الحفلات لإحياء ذكرى نوابغ الأمة العربية في القديم والحديث. وأمّا جمعية المؤلّفين والكتّاب التونسيين فإنها افتتحَت أعمالها بإقامة حفلة ذكرى الشاعر العبقري المرحوم أبي القاسم الشابي، ثم لم تفعل بعدها شيئاً إلى الآن.

ثم بيّن أسباب هذا الركود فحصرها في سببَين: الأوّل قِلّة القُرّاء في الأوساط الشعبية نظراً للأُمّية الغالبة على السواد، ثم جهْل كثير من الشباب بلغته القومية أو مصادر معارفه التي لا تسمح له بالاستفادة من الأدب والصحف الجدّية (يعني غلبة معرفته باللغة

<<  <  ج: ص:  >  >>