للفرنسيين يريد أن يزيحهم عن كراسي الحكم في الشام وأن يحلّ بريطانيا محلّهم فيها.
عند ذلك وجد ديغول منفذاً ينفذ منه إلى سوريا ليُعيد إليها حكم الفرنسيين، فتقرّب من أهل البلاد. وكانت قد ظهرَت حركته واشتدّ ساعده وكوّن حوله جيشاً صغيراً، ولولا تشرشل والإنكليز ما نجح وما كان له جيش. ولمّا مال ميزان الحرب ورجحَت كفّة الحلفاء أعرضوا بوجوههم عن ديغول، كما يفعلون دائماً؛ إن كانت لهم مصلحة كان منهم وُدّ وصداقة فإن لم تبقَ لهم هذه المصلحة ذهبَت الصداقة وذهب الوُدّ. وفقد ديغول مكانه بينهم حتى إنهم لم يَدْعوه إلى المؤتمرات التي عقدها روزفلت وتشرشل وستالين في طهران وفي يالطا وفي بوتسدام.
وأنا لا أريد هنا أن أسرد تاريخاً، فالتاريخ له مراجع متوفّرة وفيه كتب كثيرة، ولكن أكتب ما بقي في ذاكرتي من ذكريات تلك الأيام. كنّا نسمع أن تشرشل كان يُلِحّ على السوريين لعقد معاهدة تُبقي لفرنسا بعض المزايا في الشام وتُعيد إليها جانباً من سلطانها الذي لم تُحسِن سياسته (وكلّ من لا يسوس المُلك يخلعه). وكان قد استلم الحكم في الشام الوطنيون سنة ١٩٤٣ وعلى رأسهم شكري بك القوّتلي، فرفض اقتراح تشرشل ولم يستجِب لضغطه ولم يعترف لفرنسا بمركز خاصّ (كما يقولون) في سوريا وفي لبنان.
ولا ننسى أن لروزفلت الذي كان يُدير سياسة الولايات المتحدة أثراً في إزاحة العَلَم الفرنسي عن سماء سوريا ولبنان.