للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاعلها فاتحة حلقة واسعة جداً من حلقات هذه الذكريات التي طالت جداً؛ بداية قصّة طويلة هي قصّة رحلة المشرق التي رحلناها من أجل فلسطين.

كان لبنت السلطان عقد من نفيس الجواهر وغالي اللآلئ، ولكن ميزته فوق نفاسة جوهره وغلاء لآلئه رَصُّه العجيب، فهو من عشرين لوناً ولكن صانعه جعلها تأتلف وتختلف وتتقارب وتتباعد، حتى جاء منها صورة تُبهِر البصر وتستهوي القلب. فانقطع خيط العقد (أي نظامه) وتبعثرَت حبّاته، فأمضت بقيّة عمرها تبحث عنها وتحاول جمعها وما وصلت إلى الأقلّ منها، وما وصلت إليه لم تستطع أن تعيد صَفّه كما كان.

لقد انقطع الآن -يا أيها القُرّاء- خيط ذكرياتي ولم أعُد أقدر أن أرتّبها على السنين، لقد ضاع التاريخ وتداخلَت الأحداث. فماذا أصنع؟ قلت ذلك للأستاذ الذي اقترح عليّ أن أكتب قصّة الرحلة فقال: إن ذهبَت صورة العقد وتبعثرَت حبّاته فاجعل ما وجدته منها عقوداً صغيرة وارصف في كلّ واحدة منها ما تجد من حبّات العقد الكبير، ثم إذا فرغتَ منها أَعدتَ ترتيبها ونسّقته.

أي أن تنشر الذكريات الآن كما تجيء في ذهنك، ثم إن طبعتها الطبعة الثانية أعدتَ ترتيبها. كما فعل صديقك الكبير خير الدين الزركلي في كتابه «شبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز»؛ لقد جعله متداخل الأخبار مهوَّش الترتيب، ثم نظر فيه فجمع ما هو من أخبار الملك نفسه في كتاب سَمّاه «الوجيز في سيرة الملك عبد العزيز». وأنت إن مدّ الله لك في العمر فعلتَ مثله، وإلاّ فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>