للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لك من إخوتك العلماء وبناتك المتعلّمات وأحفادك وحفيداتك، الطبيب منهم والمهندس، كان لك منهم مَن يعيد ترتيب الذكريات وكتابتها (١). المهمّ أن تدوّن ما بقي في ذهنك قبل أن تنساه.

* * *

كانت هذه الرحلة سفرة عجيبة، مشينا فيها من حيث مشى ابن بطّوطة وبلغنا من الجنوب الشرقي من آسيا ما لم يبلغ. وكان كلّما نزل بلداً ولي قضاءها وتزوّج منها وكان له من زوجاته أولاد، ثم ترك الزوجة والولد وذهب. ونحن ما قضينا بين الناس في محكمة ولا قضينا على أنفسنا بزواج! وكان ابن بطّوطة يجد من يمشي معه لا يفارقه يترجم عنه، ونحن كنّا نلقى المستقبِلين في كل بلد ندخله، ثم يدَعوننا أو نؤثر أن يدَعونا جلّ وقتنا وحدنا.

رحلنا من القدس إلى عمّان إلى بغداد إلى كراتشي إلى آخر باكستان الشرقية، زرنا الهند ورأينا من بلادها دهلي (لا دلهي كما يقول الإنكليز) وبومباي (وهي من أجمل بلاد الدنيا) ولكنَوْ (بلد الصديق الداعية الشيخ أبي الحسن النّدْوي) وكَلْكُتّا التي كان فيها في تلك الأيام، قبل ثلاثين سنة، خمسة ملايين ونصف المليون.

وكان معنا الشيخ محمد محمود الصواف، هو يدبّر أمرنا، يزيح عِلّتنا، يكفينا مؤونة الحِلّ والترحال، يهيّئ لنا كل شيء. فلما


(١) صنعت شيئاً قريباً من ذلك، لكنني لا أدري أيجد طريقه إلى النشر ذات يوم أم هو يُطوى فلا يُنشَر. انظر تعليقي في حاشيةٍ على الحلقة ١٨٩ في الجزء السابع من هذه الذكريات (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>